السيد نصير ممدوف – سفير جمهورية أذربيجان في العراق
تولي جمهورية أذربيجان أهمية خاصة لتطوير العلاقات وتوسيع التعاون في مختلف المجالات مع جمهورية العراق التي ترتبط بها تاريخياً بجذور ثقافية ودينية. وتوجد علاقات صداقة تاريخية بين جمهورية أذربيجان وجمهورية العراق. وتشمل علاقات أذربيجان مع العراق مجالات الاقتصاد، الطاقة، الاستثمار، السياحة، البناء، العلوم، التعليم، والثقافة.
إلى جانب العلاقات الثنائية المباشرة بين أذربيجان والعراق، هناك تعاون وثيق في إطار المنظمات الدولية والمؤسسات مثل الأمم المتحدة، منظمة التعاون الإسلامي، حركة عدم الانحياز، أوبك+ وغيرها.
في 2 يناير 1992، اعترف العراق باستقلال أذربيجان.
في 30 مارس 1992، تم إقامة العلاقات الدبلوماسية بين جمهورية أذربيجان وجمهورية العراق، وتم الاحتفال بمرور 30 عامًا على تأسيس العلاقات الدبلوماسية قبل عامين.
في عام 1992، رفع العراق مستوى بعثته الدبلوماسية في باكو من مستوى القنصلية العامة التي كانت تعمل منذ فترة الاتحاد السوفيتي إلى مستوى السفارة. وبدأت سفارة أذربيجان في بغداد عملها في عام 2016، وفي أغسطس 2023، عينت أذربيجان أول سفير لها في العراق.
هناك فرص كبيرة لتوسيع العلاقات بين أذربيجان والعراق. العراق يعد أحد الأولويات في السياسة الخارجية التي تتبعها أذربيجان. هذا العامل لا يستند فقط إلى الإمكانيات الاقتصادية، بل يعتمد أيضًا على القيم المشتركة. يعمل البلدان معًا من أجل تحقيق السلام والاستقرار والأمن في المنطقة، وكذلك لتنفيذ المشاريع التي تعزز التقدم والتنمية.
إن دعم العراق لموقف أذربيجان في المنظمات الدولية، وخاصة في إطار منظمة التعاون الإسلامي، بشأن إنهاء العدوان العسكري لجمهورية أرمينيا ضد جمهورية أذربيجان، وتحرير الأراضي المحتلة وعودة اللاجئين إلى أراضيهم الأصلية، يعتبر من العوامل المهمة في السياسة الدولية. هذا الدعم أثّر بشكل كبير على تشكيل الرأي العام في العالم الإسلامي، بما في ذلك بين الدول العربية.
خلال حرب الوطن التي استمرت 44 يومًا، أصدر ممثل عائلة المرجعية الشيعية المؤثرة في النجف، أحد القادة الدينيين العراقيين، وعضو بارز في عائلة الحكيم، المرحوم آية الله محمد سعيد الطباطبائي الحكيم، بيانًا في أكتوبر 2020 حول الوضع في الجبهة. وكان هذا البيان أول إعلان دعم صادر عن رجال الدين الشيعة البارزين لصالح أذربيجان.
على مدى العامين الماضيين، شهدت العلاقات بين بلدينا تطورًا ملحوظًا. وفي عام 2023، أجرى رئيس جمهورية العراق، السيد عبد اللطيف جمال رشيد، زيارة عمل إلى بلادنا ضمن قمة مجموعة الاتصال لحركة عدم الانحياز بشأن مكافحة COVID-19 ، كما أن الزيارة الرسمية الأولى لرئيس جمهورية العراق إلى بلادنا في 20-21 نوفمبر 2023 فتحت صفحة جديدة في تاريخ العلاقات الثنائية.
في الوقت نفسه، سيُعدّ حضور رئيس العراق في الدورة التاسعة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP29، التي ستُعقد في باكو في 12-13 نوفمبر 2024، تجسيدًا واضحًا لدعم العراق وتعاونه في مجال المناخ.
وفي المستقبل القريب، ستسهم الزيارة الرسمية المرتقبة لرئيس وزراء العراق السيد محمد شياع السوداني إلى أذربيجان، بناءً على دعوة من رئيس جمهورية أذربيجان السيد إلهام علييف، في إثراء التعاون بين البلدين بمضامين جديدة وتعزيز شراكتنا.
كما أن زيارات وزير التنمية الرقمية والنقل في جمهورية أذربيجان رشاد نبييف في ديسمبر 2023، ووزير الاقتصاد ميكائيل جباروف في مارس 2024 إلى العراق، كانت مثمرة في تحديد إمكانيات التعاون بين البلدين في مختلف المجالات. أذربيجان مهتمة بالاستثمار في قطاعات الطاقة، البنية التحتية، الصناعات الغذائية، الزراعة، النقل، والبناء في العراق. وفي الشهر الماضي، شارك العديد من رجال الأعمال من مختلف مناطق العراق في منتدى الأعمال الأذربيجاني-العراقي الذي عقد خلال زيارة وزير التجارة العراقي أثير الغريري إلى أذربيجان.
تم تسجيل 187 شركة عراقية في أذربيجان، وبلغ حجم التبادل التجاري بين جمهورية أذربيجان وجمهورية العراق 236 مليون دولار أمريكي في عام 2014. إلا أن هذا الرقم شهد تراجعًا حادًا في السنوات الأخيرة، خاصة خلال فترة جائحة “COVID-19″، ليصل إلى 29 مليون دولار في عام 2022، و20 مليون دولار في عام 2023. ومع ذلك، شهدت التجارة بين البلدين في الأشهر من يناير إلى يوليو من هذا العام زيادة بنسبة 49% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.
إن مصممة مشروع “مركز حيدر علييف” الرمزي في باكو، المهندسة المعمارية العراقية الشهيرة عالميًا زها حديد، هي أيضًا من قامت بتصميم مشروع آخر وهو مبنى البنك المركزي العراقي، الذي يجري حاليًا بناؤه من قِبل شركة البناء الأذربيجانية Dia Holding “daax construction” .
تعتزم أذربيجان تطوير علاقاتها مع مختلف المحافظات العراقية. ولهذا الغرض، تخطط لافتتاح قنصليات عامة ومراكز ثقافية في أربيل، النجف والبصرة.
كانت مدينة باكو عاصمة أذربيجان ومدينة البصرة العراقية مدينتين توأمتين منذ فترة الاتحاد السوفيتي، ويجري حاليًا العمل على تعزيز هذه التقاليد التاريخية من خلال توأمة باكو مع بغداد وتوأمة كركوك مع مدينة فضولي.
كما هو معروف، ولد الشاعر والمفكر الأذربيجاني العظيم محمد فضولي في العراق ودُفن في مدينة كربلاء. و في العديد من المصادر العراقية، يُعرف الشاعر باسم “فضولي البغدادي”، وهو من قبيلة “بايات” التركية الأصل التي تحظى بشهرة واسعة في أذربيجان.
وبناءً على مرسوم رئيس جمهورية أذربيجان، السيد إلهام علييف، الصادر بتاريخ 25 يناير 2024، من المقرر الاحتفال بالذكرى الـ 530 لميلاد الشاعر والمفكر الأذربيجاني العظيم محمد فضولي في أذربيجان خلال عام 2024، كما من المقرر تنظيم المؤتمر العلمي والأدبي في العراق المكرس لذكرى الشاعر الذي يعد رمزًا بارزًا لثقافتنا المشتركة.
تُعد هذه العوامل من أبرز ما يقرب بين البلدين وشعبيهما، وأعتقد أن تنظيم الزيارات المتبادلة بين البلدين وإقامة فعاليات ثقافية متنوعة في المستقبل سيسهم بشكل كبير في رفع العلاقات بين أذربيجان والعراق إلى مستويات أعلى.